مشكلة البحث: موقع خبير للخدمات البحثية والجامعية

المقدمة:

اختيار وتحديد مشكلة البحث بشكل واضح ودقيق يمثلان البداية الطبيعية في عملية البحث العلمي، ويعتبران أصعب المراحل التي يواجهها الباحث في عمله.

 

مفهوم مشكلة البحث:

تعرف المشكلة بأنها عبارة عن قضية أو سؤال محدد، يتم صياغتها بشكل موجز ومحكم، ويتناولها الباحث بالدراسة المنهجية للوصول إلى النتائج والتوصيات المطلوبة.

هذا ومشكلة البحث لا تعني بالضرورة أن هناك شيئاً خطأ في الوضع القائم يحتاج إلى إصلاح، بل إنها قد تعني: إما وجود جانب إيجابي مرضي عنه، مثل تحسن أداء العاملين في العام الماضي، أو جانب سلبي، مثل ضعف أداء العاملين في المنظمة في العام الماضي، وكلا الحالتين تحتاجان الى دراسة وبحث، للاستفادة من النتائج والتوصيات المستخلصة.

أي أن مشكلة البحث قد تتناول جانباً سلبياً، مثل ضعف الطلاب في مادة اللغة الإنجليزية، أو جانباً إيجابياً، مثل تفوق الطلاب في مادة الرياضيات، وكلاهما - كما أشرنا - بحاجة إلى دراسة وتفسير، إما لإيجاد الحلول، أو للاستفادة.

مثال:

- هل توجد علاقة بين زيادة المرتبات للعاملين في الشركة وبين أدائهم؟

- ضعف الإقبال على منتج الشركة بالرغم من القيام بحملة إعلانية مكثفة لتسويقه.

- عدم إشباع برامج الإذاعة المحلية لرغبات المستمعين.

 - أسباب تسرب الكفاءات الإدارية من شركة النور للصناعة والتجارة.

 

أهمية تحديد مشكلة البحث:

- تُحدد مشكلة البحث ما يسعى الباحث إلى تحقيقه من خلال دراسته، ممّا يُساعده على تركيز جهوده و توجيه مسار البحث.

- تُشكّل مشكلة البحث المنطلق لِطرح أسئلة بحثية محددة، تُجيب على جوانب مختلفة من المشكلة.

 -تُساعد طبيعة مشكلة البحث في تحديد المنهج البحثي الأكثر ملاءمةً لدراستها، سواءً كان منهجًا تجريبيًا أو مسحيًا أو تحليليًا.

- تُوجّه مشكلة البحث عملية جمع البيانات وتحليلها، بحيث تقتصر البيانات المُجمّعة على ما له صلةٌ بِالمشكلة البحثية.

- تُشكّل مشكلة البحث الخيط الناظم لِمُحتوى التقرير البحثي، حيثُ تُعرض النتائج المُحصلة في ضوء المشكلة التي تمّت دراستها.

 

صياغة مشكلة البحث:

من خلال تعريف المشكلة، ومن الأمثلة السابقة، يمكن القول: إن صياغة المشكلة تتم بطريقتين

أساسيتين، هما:

1- الصياغة في شكل جملة أو عبارة :Statement

مثال:

- تقييم تأثير استخدام برامج تعليمية تفاعلية على مستوى تحصيل طلاب الصف الأول الابتدائي في مادة الرياضيات.

- التحقق من فعالية العلاج المعرفي السلوكي في علاج أعراض القلق لدى مرضى الاكتئاب.

- استكشاف العوامل المؤثرة على انتشار ظاهرة التنمر الإلكتروني بين طلاب المدارس الثانوية وتحديد تدابير لِمكافحتها.

- الحوافز المادية وأثرها على أداء العاملين في المنظمة.

2- الصياغة في شكل سؤال Question:

مثل:

- ما هو تأثير استخدام برامج تعليمية تفاعلية على مستوى تحصيل طلاب الصف الأول الابتدائي في مادة الرياضيات؟

- ما هو تأثير العلاج المعرفي السلوكي على أعراض القلق لدى مرضى الاكتئاب؟

- ما هي العوامل المؤثرة على انتشار ظاهرة التنمر الإلكتروني بين طلاب المدارس الثانوية في منطقة ......؟

- هل تؤثر الحوافز المادية على أداء العاملين في المنظمة؟

 

تحديد واختيار مشكلة البحث (طرق التعرف على مشكلة البحث):

سبق الإشارة إلى أن من أهم مراحل البحث العلمي هو التعرف على مشكلة البحث وتحديدها بشكل واضح ودقيق، وستناقش الآن بشيء من الإيجاز كيفية تحديد واختيار مشكلة البحث

وذلك على النحو التالي:

1- الملاحظة Observation: تعتبر ملاحظة الباحث أو المدير بأن هناك موضوعاً أو حالة أو موقفاً عاماً (مشكلة) يستدعي القيام بإجراء دراسة أو بحث، هي الخطوة الأولى First-stage وراء القيام بالبحث العلمي، وهذا الموضوع أو الموقف قد يكون مثلا تغيرات معينة في سلوك العاملين مثل ترك العديد من العاملين للمنظمة والتحاقهم بمنظمات أخرى، أو وجود علاقة سيئة بين المدير ومرؤوسيه، أو نقص في الطلب على بعض المنتجات، وكل هذه المشاكل تحتاج إلى بحث ودراسة.

2- المقابلات الأولية: ويقصد بالمقابلات هنا البحث عن معلومات أولية حول المشكلة التي تم ملاحظتها، ويتم ذلك من خلال الحديث الودي وغير الرسمي مع عدد من الأفراد في موقع العمل، أو العملاء، أو أي مصادر أخرى، ومن خلال هذه الأحاديث يمكن للباحث أن يحصل على فكرة idea او شعور feeling حول ما هو موجود في الواقع.

3- البحث في أرشيف المنظمة عن معلومات تخص المنظمة، وتتعلق بمشكلة البحث: أهم المعلومات الأولية التي يجب الحصول عليها عن المنظمة محل البحث تشمل تاريخ التأسيس، نوع النشاط الذي تمارسه معدل نمو المنظمة، طبيعة الملكية، حجم المنظمة، ميزانية المنظمة، رسالة المنظمة، موقع المنظمة الرئيس وفروعها، موارد المنظمة المختلفة، سياسات المنظمة، هيكلها التنظيمي، انطباع العاملين عن ظروف العمل مدى مشاركتهم في صناعة القرار، نظام الحوافز في المنظمة، فرص الترقي في المنظمة المسئولية الاجتماعية للمنظمة... الخ، والحصول على هذه المعلومات سيجعل الباحث قادراً على الحوار مع العاملين أو أي طرف آخر) بثقة عالية، وبشكل واضح، وبدرجة عالية من العلم والمعرفة أثناء إجراء المقابلات، ومناقشة العناصر المتعلقة بالمشكلة. ويمكن الحصول على هذه المعلومات من أرشيف المنظمة وسجلاتها وقوائمها ولوائحها وسياساتها . وشبكة الإنترنت Internet، وهذه المعلومات التي تجمع من المصادر الموجودة existing sources تسمى بالمعلومات الثانوية، لأنها معلومات موجودة فعلاً، ولا يلزم إعدادها (إيجادها) من قبل الباحث، بل إن الباحث يستفيد منها كما هي، وفي المقابل هناك معلومات أخرى، مثل انطباعات ومواقف العاملين في المنظمة، يتم الحصول عليها من خلال الحديث معهم مباشرة أو ملاحظتهم، أو من خلال استبيان يوجه إليهم، ومثل هذه المعلومات التي يعدها الباحث بنفسه تسمى بالمعلومات Primary الأولية.

4- مراجعة الكتب والدراسات السابقة ذات العلاقة بمشكلة البحث: مراجعة الأدبيات ذات العلاقة بالمشكلة (Literature-review (Survey ويقصد بالمراجعة الأدبية الاطلاع على الكتب والدراسات السابقة (مصادر ثانوية المتعلقة بموضوع البحث وتوثيقها، من خلال كتابة اسم الكاتب والسنة (سنة النشر).

وتعتبر المكتبات مكاناً غنياً بالمعلومات الثانوية التي تحتويها الكتب والصحف والمجلات ورسائل الماجستير والدكتوراه ومطبوعات الحكومة والتقارير المالية والتسويقية.

والهدف من القيام بالمراجعة الأدبية في هذه المرحلة يكمن في مساعدة الباحث على الإلمام الجيد بموضوع ومشكلة البحث وتجميع العناصر والمتغيرات المتعلقة بها، والمساعدة في ترتيب المتغيرات وصياغة المشكلة بشكل واضح، وكذا القيام بمقابلات أكثر عمقاً، كما أن الدراسات السابقة تشير - أحيانا - إلى أن هناك جوانب معينة لم يتم دراستها لأسباب معينة، ويمكن أن تكون منطلقاً الأبحاث مستقبلية.

والقيام بالمراجعة الأدبية عادة ما يأخذ ثلاث خطوات، وهي:

الخطوة الأولى: التعرف على المصادر المتوفرة عن موضوع البحث، والحصول عليها من خلال العودة إلى أدلة الكتب والدراسات، أو ملخصات لها.

الخطوة الثانية: استخلاص المعلومات ذات العلاقة من المصادر التي تم التعرف عليها والمرتبطة بموضوع البحث

الخطوة الثالثة: كتابة المراجعة الأدبية.

5- الخبرة الشخصية التي اكتسبها الباحث: من خلال التجارب التي مر بها الباحث أثناء ممارسته للعديد من الأعمال في المنظمات، كالمصانع والشركات التجارية والوزارات والمصالح والهيئات الخ.

إن الاحتكاك والحديث مع الباحثين والمختصين، ومع أصحاب الخبرة العلمية والعملية حول المواضيع والمشاكل التي تستحق الدراسة، يعتبر إحدى الطرق الهامة في تحديد واختيار مشكلة بحثية جادة.

6- المشاكل والأزمات التي تحدث في المجتمع: ربما تكون محل اهتمام الناس مثل مشاكل وباء كارونا والتسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي، والتلوث البيئي، ومثل هذه المشاكل تكون مجالاً خصباً لإجراء البحوث.

7- مراكز البحوث والهيئات والمؤسسات العلمية المتخصصة: يمكن لهذه الجهات أن تكون مصدراً جيداً لكثير من المواضيع والمشاكل البحثية التي يستفيد منها الباحث في إجراء دراسة، وذلك من خلال إصدار كتيبات تحمل مقترحات لبعض الأبحاث.

8- إعادة البحث في موضوع سبقت دراسته: ويمكن ذلك في حالة إجراء نفس الدراسة في مجتمع مختلف، أو زمان آخر أو بأسلوب منهجي مختلف حيث أن لكل مجتمع خصائصه وظروفه التي تجعل من إجراء نفس البحث في مجتمعين مختلفين عملية مطلوبة ومنطقية، وكذلك الحال فإن اختلاف الزمان قد يترتب عليه ظهور مستجدات جديدة تبرر إجراء البحث مرة أخرى. بعد إجراء الملاحظة والمقابلات الأولية، والقيام بمراجعة أدبيات الموضوع أي الإطلاع على ما كتب عن الموضوع محل البحث سواء في الكتب أو الدراسات السابقة... إلخ، يكون الباحث في وضع يجعله قادراً على تحديد وتعريف المشكلة بشكل واضح.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة