النموذج المعرفي أو الإطار النظري للبحث: موقع خبير للخدمات البحثية والجامعية

المقدمة:

ركزنا سابقاً على كيفية تحديد وتعريف مشكلة البحث بشكل واضح ومحدد، باعتبار ذلك يمثل الخطوة الأساسية الأولى في البحث، غير أن تعريف المشكلة وتحديدها ليسا كافيين بحد ذاتهما ، بل لابد من استكمال بقية مراحل البحث، والتي تشمل - ضمن ما تشمل - خطوات عدة، مثل: تطوير نموذج البحث، وفرضياته، وأسئلته.... الخ، وسنتناول الآن مفهوم النموذج المعرفية، ومفهوم المتغيرات وأنواعها، ومكونات النموذج المعرفي، ثم ننتقل بعد ذلك إلى فرضيات البحث، لنتعرف على كيفية صياغتها من واقع نموذج البحث، وأخيراً نتناول أسئلة البحث.

 

مفهوم النموذج المعرفية:

النموذج المعرفي: عبارة عن إطار نظري يحدد المتغيرات المرتبطة بموضوع البحث، ويوضح العلاقات المتبادلة بين هذه المتغيرات متغير تابع، متغير مستقل... إلخ)، ويُعرض عادة في شكل رسم بياني.

ويعتمد الباحث في تطوير وبناء النموذج المعرفي على مجموعة من العناصر، أهمها :

1 - وضوح ودقة مشكلة البحث: فكلما كانت المشكلة واضحة كلما ساعد الباحث ذلك على تحديد المتغيرات التي تساهم في التأثير على المشكلة ومعالجتها، وبالتالي بناء نموذجه بالشكل الصحيح.

2 - الملاحظات التي يلاحظها الباحث أثناء إجراء بحثه.

3 - المقابلات التي يجريها الباحث مع الأطراف التي لها علاقة بمشكلة البحث، والتي تعطيه فكرة واضحة عن المشكلة وأسبابها، والعوامل المؤثرة فيها.

4- الخبرة التي يكتسبها الباحث من واقع تجاربه العملية.

5- الاطلاع على ما كتب حول موضوع البحث: سواء في الكتب، أو في الدراسات السابقة (المسح الأدبي)، حيث أن ذلك يمد الباحث ببعض المتغيرات التي قد تكون مهمة في بحثه.

6- الحدس الذي يتمتع به الباحث: لا شك أن تمتع الباحث بالحدس يعطيه القدرة على التحليل وسبر غور المشكلة، والوصول إلى متغيرات مهمة بالنسبة لتلك المشكلة. وهكذا يتبين لنا أن نموذج البحث يتضمن مجموعة المتغيرات المرتبطة بالبحث، ويدرس العلاقة بين المتغيرات، ويشرح الأساس النظري لها، ويصف طبيعة Nature واتجاه Direction هذه العلاقة ويعطينا الأساس المنطقي لتطوير الفرضيات القابلة للاختبار لاحقا، أي أنه من خلال النموذج المعرفي للبحث، يمكن تطوير الفرضيات لاختبار هل هذه العلاقة صحيحة أم لا، واختبار هذه العلاقة يتم كما سنعرف لاحقاً من خلال استخدام الأساليب الإحصائية المناسبة.

 

متغيرات البحث

نظراً إلى أن النموذج المعرفية بطبيعته يتضمن مجموعة المتغيرات المرتبطة والمؤثرة في موضوع البحث ويحدد أيضا العلاقة بين هذه المتغيرات، فإنه من الطبيعي أن نحاول الآن التعرف على مفهوم المتغير وأنواع هذه المتغيرات.

1- مفهوم المتغير: المتغير هو أي شيء يأخذ قيماً متغيرة وغير ثابتة، فمثلاً: حافز التعلم (كمتغير) يمكن أن يأخذ قيماً مختلفة لدى الطلاب في الفصل الواحد، فقد نجد حافز التعلم لدى البعض منهم قوياً جداً، ولدى البعض متوسطاً، فيما قد يكون لدى البقية ضعيفاً جداً، وكذلك بالنسبة لمتغير تفويض السلطة" . فقد نجد بعض المدراء يمارسون التفويض بدرجة عالية، وآخرين بدرجة متوسطة، وقسماً ثالثاً يمارسونه بدرجة ضعيفة، كما قد نجد في مثال آخر أن نفس المدير قد يمارس التفويض في موقف معين بدرجة قوية، وفي موقف ثان يمارسه بدرجة متوسطة، بينما نراه في موقف ثالث بدرجة ضعيفة ... وهكذا بالنسبة لبقية المتغيرات الأخرى، مثل الرضى الوظيفي إنتاجية العامل ضغوط العمل القوة الشخصية، الأداء ... الخ.

2- أنواع المتغيرات:

المتغيرات بهذا المفهوم تأخذ أشكالا وأنواعا متعددة، ومن أهم هذه الأشكال الأنواع ما يلي :

المتغير التابع (المعياري) (The dependent variable criterion

المتغير المستقل ( التنبؤية) The independent variable (predictor

المتغير المعدل The moderating variable

المتغير الوسيط (الاعتراضي) The intervening variable

وفيما يلي تعريف مختصر لكل من هذه المتغيرات.

أ- المتغير التابع (المعياري): هو المتغير الذي يتأثر - بدرجة أو بأخرى - بالمتغيرات المستقلة، ويتمتع بالأهمية الأساسية في البحث الذي يقوم به الباحث، بعبارة أخرى فإنه يعتبر المتغير الأساسي الذي يسعى الباحث ويهدف إلى التعرف على مدى تأثره بالمتغيرات المستقلة، ومن خلال تحليل المتغير التابع، والتعرف على تأثير المتغيرات المستقلة عليه، يمكننا أن نجد إجابة أو حلاً للمشكلة، مع احتمال أن يكون هناك أكثر من متغير تابع في البحث الواحد. وفي مثل هذه الحالة، فإن الباحث يهتم بمعرفة العوامل المستقلة التي تؤثر على كل المتغيرات التابعة ومستوى هذا التأثير، وهذا النمط من الدراسات يستدعي تحليلاً إحصائياً متعدداً.

أمثلة:

- لاحظ مدير تسويق مصنع الأنوار أن مبيعات المنتج الجديد الذي تم إنزاله إلى السوق المحلية لا يحقق حجم المبيعات المخطط له، بالرغم من الحملة الإعلانية لتسويق المنتج.

المتغير التابع هنا هو حجم المبيعات.

- قام مدير عام الحسابات في شركة الهدى بالمراجعة والتحقق من نسبة الديون إلى حق الملكية في الشركة، ووجد أن هذه النسبة منخفضة بالرغم من سهولة الحصول على القروض المتغير التابع هنا هو معدل الديون إلى حق الملكية.

- لا حظ مدير إحدى المدارس الثانوية أثناء مراجعته لكشوفات الحضور الخاصة بالطلاب للشهر السابق ارتفاع نسبة الغياب عن المعدل الطبيعي له بالرغم من متابعة إدارة المدرسة لهذا الموضوع.

المتغير التابع هنا هو ارتفاع نسبة غياب الطلاب عن المعدل الطبيعي له فيها، بالرغم من حجم المرتبات العالي الذي يتقاضونه

لاحظ مدير عام الموارد البشرية في مصنع الأغذية المعلبة ضعف الولاء للمنظمة من قبل العاملين.

المتغير التابع هنا هو الولاء التنظيمي.

ب- المتغير المستقل: هو المتغير الذي يؤثر على المتغير التابع، بطريقة إيجابية أو سلبية، ومع كل تغير في المتغير المستقل يكون هناك تغير في المتغير التابع، وباتجاه الزيادة أو النقص، أي بالاتجاه الإيجابي أو السلبي.

مثال: يرى مدير التسويق في مصنع الأنوار أن حجم المبيعات للمنتجات الجديدة يتأثر بوجود حملة إعلانية مكثفة.

الحملة الإعلانية المكثفة تعتبر المتغير المستقل، وحجم المبيعات للمنتج الجديد يمثل المتغير التابع.

ج- المتغير المعدل (الملطف)

هو ذلك المتغير الذي يخفف يهدئ من تأثير المتغير المستقل على المتغير التابع، ويُعرف أيضاً بأنه المتغير الموقفي.

بمعنى آخر: إن وجود متغير ثالث المتغير المعدل) يُعدل من العلاقة الأساسية الموجودة بين المتغير المستقل والمتغير التابع، ويمكن توضيح ذلك من خلال المثال

تعرف أن هناك أسباباً ومتغيرات عدة للضغوط التي يعاني منها الأفراد العاملون في المنظمات، ومن هذه المتغيرات الظروف المعيشية، أسلوب تعامل المدراء مع العاملين المشاكل العائلية، والخصائص الشخصية الموروثة، فكل هذه المتغيرات العوامل تسبب للعاملين ضغوطاً في العمل، ويمكن تصوير

المتغيرات المستقلة: (الظروف المعيشية- أسلوب تعامل المدراء مع العاملين- المشاكل العائلية- الخصائص الشخصية الموروثة).

والمتغير التابع:  الضغوط الواقعة على العاملين.

ولكن ... وحتى تكتمل الصورة بشكل أوضح وأشمل، ينبغي أن نسأل السؤال التالي : هل كل الأفراد العاملين في المنظمات يتأثرون بهذه العوامل وبنفس النسبة أو الدرجة ؟ أم أن كل شخص منهم يتأثر بهذه العوامل بدرجة مختلفة عن الآخرين ؟ ولماذا ؟ العديد من الدراسات تشير إلى أن الأفراد العاملين يختلفون في درجة تأثرهم بهذه العوامل أو المتغيرات، وذلك بسبب مجموعة من العوامل، والتي تسمى بالعوامل المعدلة أو الملطفة "، مثل: تجارب العامل السابقة السن طبيعة علاقة العامل بزملائه، والإدراك، حيث أن درجة الضغوط التي يعاني منها كل عامل تختلف باختلاف عمره، أو شخصيته، أو تجاريه السابقة، أو علاقته بزملائه، أو مستوى إدراكه للأمور.

 

 

د- المتغير الاعتراضي هو المتغير الذي يؤدي عمل المتغير المستقل، ويساعد في تفسير تأثيره على المتغير التابع.


يلاحظ من خلال الاطلاع على الشكل أعلاه، أن المستوى الاجتماعي كمتغير مستقل يؤثر في مستوى المشاركة في الانتخابات كمتغير تابع، باعتبار أنه كلما ارتفع المستوى الاجتماعي للفرد كلما زادت مشاركته في الانتخابات، والعكس بالعكس صحيح. غير أنه وبعد الدراسة المتعمقة للأمر تبين أن المستوى الاجتماعي يؤثر فقط بطريقة غير مباشرة على مستوى المشاركة في الانتخابات، وأن المستوى الثقافي كمتغير اعتراضي هو الذي يؤثر تأثيراً مباشراً في مستوى المشاركة في الانتخابات باعتباره دالة للمتغير المستقل، ومفسراً لتأثير المتغير المستقل على المتغير التابع، حيث أنه كلما ارتفع المستوى الاجتماعي للفرد زادت فرص التعلم أمامه، وارتفع مستوى الثقافة والوعي لديه، وبالتالي زادت مشاركته في الانتخابات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة